الجهود العالمية لتنظيم وسلامة الذكاء الاصطناعي.. تقرير متكامل

تشهد الساحة الدولية زخمًا غير مسبوق في محاولات حوكمة الذكاء الاصطناعي، لا سيما بعد التطور السريع لنماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI). وتتركز الجهود على خلق توازن دقيق بين تعزيز الابتكار وضمان الاستخدام الآمن والمسؤول لحماية المجتمعات من المخاطر الوجودية والاجتماعية.

جهود المنظمات الدولية والمبادرات الكبرى

تلعب المؤسسات الكبرى دورًا محوريًا في صياغة الإطار التنظيمي العالمي:

الأمم المتحدة (UN):

دعت الأمم المتحدة إلى وضع أول معمارية شاملة وموزعة لحوكمة الذكاء الاصطناعي، ترتكز على التعاون الدولي.

أكدت على ضرورة تعزيز التنمية وصون حقوق الإنسان كافة في سياق تطوير ونشر الذكاء الاصطناعي.

تناشد الحكومات وأصحاب المصلحة للعمل معاً لضمان حوكمة تعزز المصلحة العامة.

الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) والقمة العالمية للذكاء الاصطناعي من أجل المصلحة العامة (AI for Good Global Summit):

يستضيف الاتحاد قممًا دولية تجمع الخبراء لمناقشة حوكمة الذكاء الاصطناعي على الصعيد العالمي.

تُستخدم هذه القمم لاختبار التكنولوجيا لوضعها في خدمة الناس والكوكب، مع التركيز على الذكاء الاصطناعي الموثوق.

المبادرات الوطنية والدولية الأمريكية

تتصدر الولايات المتحدة جهودًا نشطة لإنشاء إطار عمل عالمي لتنظيم الذكاء الاصطناعي الآمن:

القمة الدولية للسلامة بشأن الذكاء الاصطناعي:

تخطط إدارة بايدن لاستضافة قمة دولية للسلامة بشأن الذكاء الاصطناعي، بهدف وضع إطار عمل عالمي لتنظيمه.

يهدف الاجتماع إلى جمع خبراء من معهد سلامة الذكاء الاصطناعي في الدول الأعضاء لتبادل المعرفة وتعزيز التعاون العالمي في مجالات العمل ذات الأولوية.

 الجهود الإقليمية والوطنية (التركيز على العالم العربي)

تعمل الدول في المنطقة العربية على وضع استراتيجيات وطنية لضمان الحوكمة وتوطين التكنولوجيا:

المملكة العربية السعودية (سدايا):

عملت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) على مدى سنوات كمرجع وطني في التنظيم والتطوير.

نظمت القمم العالمية للذكاء الاصطناعي، التي جمعت خبراء عالميين لمناقشة حاضر ومستقبل تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما يعكس دورها في إدارة الملف عالميًا.

مصر (الاستراتيجية الوطنية):

أطلقت مصر الإصدار الثاني من الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2025-2030، والتي ترتكز على الحوكمة وتطوير النماذج الوطنية للغات (خاصة العربية)، والبنية التحتية، بهدف ترسيخ مكانة مصر كمركز إقليمي.

القمم والمؤتمرات العربية:

تستضيف دول عربية مؤتمرات متخصصة مثل القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في الدوحة والمؤتمر الدولي لأمن المعلومات والأمن السيبراني في القاهرة (CAISEC’25)، مما يبرز الاهتمام المتزايد بدمج الأمن والمساءلة في هذه التقنية.

العناصر الأساسية لتدابير سلامة الذكاء الاصطناعي

على مستوى الشركات وقادة التكنولوجيا، يتم تنفيذ ممارسات لدعم التطوير والاستخدام المسؤول. تشمل تدابير سلامة الذكاء الاصطناعي ما يلي:

الكشف عن التحيز الخوارزمي والتخفيف من آثاره: ضمان عدم تسبب نماذج الذكاء الاصطناعي في التمييز أو القرارات المتحيزة.

اختبار المتانة والتحقق من الصحة: التأكد من موثوقية الأنظمة وقدرتها على التعامل مع السيناريوهات غير المتوقعة.

الذكاء الاصطناعي القابل للتفسير (XAI): جعل آليات عمل الذكاء الاصطناعي شفافة ومفهومة (لماذا اتخذ النظام هذا القرار؟).

الأطر الأخلاقية للذكاء الاصطناعي والإشراف البشري: وضع قواعد واضحة لضمان أن تبقى السيطرة النهائية بيد البشر.

 الخلاصة: التحدي المستمر

الجهود العالمية تشير إلى تفاهم متزايد بأن تنظيم الذكاء الاصطناعي هو مهمة مُلحة تتطلب تعاونًا دوليًا مستمرًا؛ لضمان أن تكون هذه الثورة التكنولوجية في خدمة الصالح العام دون إعاقة الابتكار. يظل التحدي هو صياغة تشريعات وسياسات تتمتع بالمرونة الكافية لمواكبة التطور السريع للتكنولوجيا، مع وضع ضمانات للسلامة والمساءلة أولاً.

شارك هذا الخبر
إبراهيم شعبان
إبراهيم شعبان

صحفي متخصص في التكنولوجيا

المقالات: 1329

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *